للقضاء على العنف.. تونسيات يطالبن بتفعيل القانون وتمكين المرأة

للقضاء على العنف.. تونسيات يطالبن بتفعيل القانون وتمكين المرأة
ندوة لمناقشة العنف ضد المرأة في تونس

رغم مرور أكثر من سبع سنوات على إصدار القانون التونسي 58 لسنة 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد النساء، ما تزال النساء التونسيات، وخصوصًا في المناطق الداخلية، يعانين من مختلف أشكال العنف الجسدي والنفسي والاقتصادي، وسط تحديات قانونية ومجتمعية حالت دون التطبيق الفعلي لهذا النصّ القانوني المتقدّم.

وكشفت جمعية المرأة والمواطنة بولاية الكاف، خلال ندوة محلية، عن تقريرها السنوي لسنة 2024 ضمن مشروع "حماية النساء ضحايا العنف ومنع قتل النساء في تونس"، وهو تقرير يُبرز الواقع الميداني للعنف المبني على النوع الاجتماعي في الجهة، مستندًا إلى بيانات ميدانية وشهادات نساء تعرضن للعنف، في ظل غياب تقارير رسمية من الهياكل الجهوية والوزارة المعنية.

وبحسب التقرير، يظل العنف النفسي الشكل الأكثر انتشارًا، حيث تعرضت له أكثر من 90% من النساء اللواتي قصدن مركز الاستماع في الكاف، وغالبًا ما يكون في شكل تحقير ومراقبة وسيطرة ممنهجة، لاسيما في إطار العنف الزوجي، كما تم رصد ارتفاع العنف الاقتصادي، خصوصًا في ظل الأزمات المتتالية التي تمر بها البلاد منذ جائحة كورونا.

وفي هذا السياق، قالت كريمة البريني، رئيسةالجمعية: "إن التقرير يعكس صوت الضحايا، وهو مرآة لواقع مؤلم تتراجع فيه نسب التبليغ سنة بعد أخرى، نتيجة غياب الثقة، وتعقيد المسارات القانونية، والخوف من الوصم".

حماية فورية وإصلاح

دعت الجمعية في تقريرها إلى ضرورة تمكين النساء من نسخ الشهادات الطبية الأولية، وتفعيل حق الإيواء حتى في حالة عدم تقديم شكوى، فضلًا عن ضرورة تدريب أعضاء التنسيقية الجهوية على آليات الرصد والتوثيق، وضمان التنسيق بين الهياكل المتدخلة.

وشددت على أهمية تقليص فترات التأجيل في القضايا المتعلقة بالعنف، وتسريع إصدار قرارات الحماية التي ترتبط بشكل مباشر بحياة الضحايا.

من جهتها، أوضحت صلوحة عيساوي، الأخصائية القانونية في الجمعية، أن مسار التعهد القضائي بالضحايا شهد تراجعًا مقارنة بسنوات 2018 و2019، "نتيجة العراقيل النفسية والمادية التي تواجه النساء، وضعف التكوين القانوني في القانون 58 لدى بعض القضاة".

قانون بلا أرضية

وصف التقرير القانون 58 بـ"الثوري"، لكنه أشار إلى افتقاده إلى الأرضية المؤسساتية والمجتمعية التي تُمكنه من تحقيق أهدافه، خاصة فيما يتعلق بجانب الوقاية والتوعية، الذي لا يزال غائبًا تمامًا رغم التنصيص عليه في فصول القانون.

ونبه التقرير إلى تصاعد الخطاب المعادي للنساء، والحملات التي تطالب بإلغاء وزارة المرأة أو التراجع عن القانون 58، في مشهد يعكس مدى تطبيع المجتمع مع العنف، وتهديد مكتسبات الحركة النسوية في البلاد.

وفي غياب تقارير رسمية من وزارة الأسرة والمرأة، والتنسيقيات الجهوية، لجأت الجمعية إلى بياناتها الداخلية، ما يطرح أسئلة جدية حول قدرة الدولة على رصد الظاهرة ومعالجتها بشكل علمي ومنهجي.

حماية المرأة التونسية

رغم النضال الطويل من أجل حماية المرأة التونسية، يبقى التحدي الأكبر هو تحويل النصوص القانونية إلى ممارسات يومية، تبدأ من الوعي وتنتهي بالقضاء.

توصيات جمعية المرأة والمواطنة بالكاف ليست مجرد مطالب حقوقية، بل نداء استغاثة محلي يعكس مأزقًا وطنيًا، في وقت تزداد فيه المخاوف من استفحال العنف وتراجع الدولة عن التزاماتها في حماية نصف المجتمع.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية